تناقض الطائفية السياسية مع المواطنة
تتناول الطائفية السياسية في العراق دورها في تفكيك الهوية الوطنية العراقية، وكيف أدت المحاصصة الطائفية التي فرضتها الولايات المتحدة بعد الاحتلال إلى تعميق الفجوات بين مكونات المجتمع العراقي. منذ تشكيل “مجلس الحكم الانتقالي” في عام 2004 ، كان التصميم الأولي للنظام السياسي مبنيًا على الهوية الطائفية بدلاً من التمثيل العادل للجميع، مما أدى إلى نتائج سلبية على المدى البعيد.
المحصصة الطائفية وأثرها على الهوية الوطنية
منذ بداية الاحتلال، أصبحت المحاصصة الطائفية أحد الممارسات الأساسية التي يعتمد عليها النظام السياسي العراقي. لقد أدت هذه الممارسات إلى تحطيم الهوية الوطنية العراقية، حيث أصبحت الهويات الفرعية هي السائدة، مما أضعف النسيج الاجتماعي وأدى إلى تفكك المجتمع. هذا الواقع تجاوز السنوات الأولية للاحتلال ليظل مستمرًا، مما أدي إلى عدم استقرار سياسي واجتماعي مستمر.
تأثير الدستور العراقي على النظام السياسي
رغم أن الدستور العراقي يتضمن نصوصًا تدعو إلى تحقيق العدالة والتمثيل المتوازن، إلا أن التطبيق الفعلي لتلك النصوص غالبًا ما كان بعيدًا عن الواقع. بمعنى آخر، لم يتمكن الدستور من منع الفساد وتلاعب الأحزاب بالسلطة، والتي أصبحت من الميزات الرئيسية للنظام السياسي. هذا الفساد أدى إلى تفاوت نتائج الانتخابات على مدار السنوات، حيث لم تتمكن من عكس الإرادة الحقيقية للشعب.
الإشكاليات الناجمة عن الطائفية السياسية
تواجه العراق العديد من الإشكاليات نتيجة الطائفية السياسية، مما يعزز الفساد ويجعل من الصعب تحقيق نتائج انتخابات تمثيلية فعلية. على الرغم من أن الانتخابات تُعتبر أحد الأساليب الرئيسية لتحديد الممثلين، إلا أن الفساد يعكس تأثيرًا سلبيًا على مخرجات الانتخابات. فقد أثبتت التجارب السابقة أن الكثير من السياسيين قد أدرجوا أنفسهم في صفقات غير قانونية لضمان فوزهم بغض النظر عن اتجاهات الناخبين.
انتفاضات الشباب العراقي
برز دور الشباب العراقي بوضوح من خلال انتفاضاتهم ضد الفساد والظلم السياسي. فقد كانت هذه الانتفاضات تعبيرًا عن عدم الرضا العام عن الهيمنة الطائفية السياسية. لقد دعا الشباب في مختلف الساحات إلى تغييرات جذرية في النظام، مؤكدين ضرورة استعادة الهوية الوطنية والعمل على بناء نظام سياسي يتجاوز الفئوية.
تحقيق المواطنة الفعالة
يتطلب تعزيز المواطنة الفعالة في العراق إعادة النظر في النظام السياسي القائم. فمن الضروري أن يتم بناء نظام يتجاوز الهويات الفرعية لصالح هوية وطنية موحدة تعزز العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية. يجب أن تسعى المبادرات المختلفة إلى تعزيز حقوق المدنيين وتسهيل وصولهم إلى المشاركة الفعالة.
الخطوات العملية نحو التغيير
تستند أي مبادرة نحو تغيير الوضع الراهن إلى مجموعة من الخطوات العملية، منها:
- مراجعة شاملة للدستور لضمان تحقيق الحقوق المدنية لجميع مكونات المجتمع.
- تعزيز الهوية الوطنية من خلال التعليم والبرامج الثقافية التي تهدف إلى بناء مجتمع متماسك.
- مكافحة الفساد من خلال تفعيل دور المؤسسات الرقابية وتعزيز الشفافية في العملية السياسية.
- تهيئة بيئة سياسية آمنة للشباب للمشاركة الفاعلة في صنع القرار.
خاتمة
إن التحديات التي يواجهها العراق في ظل الطائفية السياسية تتطلب من جميع فئات المجتمع التعاون في مواجهة هذه الظاهرة. فمن خلال التأكيد على قيم المواطنة والعدالة الاجتماعية، يمكن للعراق أن يخطو نحو مستقبل أفضل يتسم بالاستقرار والازدهار. إن إصلاح النظام السياسي وتعزيز الهوية الوطنية ينبغي أن يكونا من ضمن الأولويات الوطنية، وذلك من أجل تحقيق الأهداف المرجوة وتحقيق الأحلام الوطنية.
للمزيد من المعلومات، يمكن زيارة المصدر: Enab Baladi.